أضف للمفضلة
بحث متقدم 
سراب التسوية الجديد
11/01/2010 | الصراع العربي الإسرائيلي | الإتحاد
روابط ذات صلة
31/05/2022
«عسكرة» التفاعلات الدولية  
24/05/2022
ليبيا: خطوة للأمام أم حلقة مفرغة؟  
14/05/2022
خليفة.. مسيرة عطاء شامل  
10/05/2022
الطاقة والصراع العالمي في أوكرانيا  
03/05/2022
العقوبات وإدارة الصراع في أوكرانيا  
   

منذ زار رئيس الحكومة الإسرائيلية مصر في أواخر الشهر الماضي وهناك حركة لا تهدأ يفترض أنها تمهد لجديد في عملية التسوية السلمية للصراع العربي- الإسرائيلي. فبعد الزيارة التقى الرئيس المصري برئيس السلطة الفلسطينية مرتين، وبالملك الأردني عبدالله الثاني، واستقبل وزير الخارجية السعودي، فيما استقبل العاهل السعودي الملك الأردني، والتقى وزير الخارجية السعودي برئيس المكتب السياسي لـ"حماس"، وزار -أي الوزير السعودي- سوريا حيث التقى برئيسها، وأخيراً وليس آخراً قام عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية بزيارة للسعودية في الاتجاه نفسه.

أساس هذه الحركة فيما يبدو هو التقييم الإيجابي المصري للطرح الذي تقدم به نتنياهو في لقائه الأخير بالرئيس مبارك، حيث صرح وزير الخارجية المصري بأن المباحثات بينهما كانت "إيجابية للغاية"، وأضاف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي تحدث عن مواقف تتجاوز في تقدير مصر "ما سمعناه منذ فترة طويلة"، وأشار إلى أنه لن يكشف عن جوانب الرؤية الإسرائيلية بناء على طلب نتنياهو، وأعرب عن أمله في استكمال ما تحدث به نتنياهو في الزيارة المقرر أن يقوم بها وزير الخارجية المصري برفقة مدير الاستخبارات العامة المصرية إلى الولايات المتحدة في الثامن من الشهر الجاري.

ما هي يا ترى هذه الأفكار البناءة الجديدة لنتنياهو، والتي طلب عدم الإعلان عنها من فرط ما تتناوله من مواقف متقدمة ربما يخشى أن تصيب وضعه السياسي في إسرائيل بالضرر؟ في الواقع أن لدينا عدداً من المؤشرات غير المباشرة قد تفيد في الإجابة على هذا السؤال المهم طالما أن الحصول على إجابة مباشرة يبدو مستحيلاً، وهذه المؤشرات تتنوع من مؤشرات فلسطينية إلى عربية إلى إسرائيلية.

أما المؤشرات الفلسطينية فلا أعتقد أن أحداً يمكن أن يزايد على اعتدال رئيس السلطة الفلسطينية ومرونته الشديدة وانحيازه التام إلى عملية التسوية، وبالتالي فإن موقفه من هذه الأفكار يصلح أساسًا للحكم عليها. في البدء أكد عباس أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يتقدم حتى الآن بإيجابيات، وأن كل مواقفه سلبية، وزاد فوصف أفكاره التي تقدم بها بأنها ضبابية، ثم عاد فأكد موقفه بقوله "المصريون سمعوا كلاماً من إسرائيل، وأنا قلت إنه ضبابي، وأريد حقيقة الموقف حتى أبني عليه. أنا لا أبني على الوهم. قلت رأيي، وسنتفاهم حين يأتي النص واضحاً". هي إذن أوهام ومواقف ضبابية من وجهة نظره.

ويتعلق النوع الثاني من المؤشرات بالأطراف العربية، ومعظمها جاء من الدول المعتدلة بالإضافة إلى تصريح من عمرو موسى أمين الجامعة العربية، ويلاحظ أن دولة عربية واحدة بما في ذلك السعودية والأردن -اللتان لا شك في حسن علاقتهما بمصر- لم تعلن اتفاقها مع التقييم المصري، بل إن المرء بمقدوره أن يضيف أن وزير الخارجية السعودي صرح في شرم الشيخ بأنه "لا يوجد جديد فيما يتعلق بهذه المبادرة (العربية) حتى الآن"، وهو ما يعني أنه بصراحة لا يجد جديداً في أفكار نتنياهو بالنسبة للمبادرة التي تعبر عن الرؤية العربية للحل النهائي، كما أن رئيس مكتب الأمين العام للجامعة العربية أدلى بتصريحات أكد فيها الرفض العربي لأي "ضغوط" على الرئيس الفلسطيني "كي يقبل بما هو ضد قناعاته"، ورأى أن الدعم العربي لعباس يعتمد في الأساس على "تقويم الجانب الفلسطيني لما هو مطروح"، وقال: "إذا قبل الفلسطينيون العرض الأميركي المقبل، واقتنعوا به سيتم طرحه على المجموعة العربية لمناقشته، وسندعمه في حال ثبت لنا أن هناك حقيقة يمكن قبولها". أما الأمين العام نفسه فقد أشار للتحركات السياسية الجارية بقوله: "الآن هناك مطابخ كثيرة تعد طعاماً نرجو أن يكون جيداً، وألا يكون طعاماً تصاحبه رائحة كريهة". لا أحد عربياً إذن يرى بدوره أن هناك جديداً أصلاً فيما يجري ناهيك عن أن يمكن الوثوق به.

تبقى المؤشرات الإسرائيلية وقد تكون الأخطر لأنها اقتربت من لبِّ الموضوع، وألقت بضوء كافٍ على التكتيك الإسرائيلي الجديد. ولعل أهم مؤشر في هذا الصدد هو ما صرح به وزير الصناعة والتجارة الإسرائيلي بن أليعازر الذي كان مرافقاً لنتنياهو في زيارته الأخيرة لمصر، فكل ما قاله بخصوص مضمون أفكار الأخير "الجديدة" هو أن نتنياهو أكد "ست مرات خلال نصف ساعة استعداده لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين فوراً"، وقال إنه ينبغي الانتباه جيداً إلى حقيقة أن رئيس الحكومة "الذي انتخبه اليمين المتطرف" اتخذ قرارين "تاريخيين" هما "قبول مبدأ حل الدولتين وتعليق البناء في المستوطنات"، وهذا "لم يحصل في التاريخ من جانب زعيم يميني". وتابع أن زيارة نتنياهو لمصر كانت لتأكيد الرؤية الإسرائيلية بأن الرئيس مبارك وحده هو القادر على إعادة عباس إلى طاولة المفاوضات، وأعرب عن ثقته بأن تحريك العملية السياسية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بات وشيكاً بفعل التدخل المصري. من ناحية أخرى لخصت وسائل الإعلام العبرية الأمر كله في إبداء نتنياهو استعداده للتفاوض على كل قضايا التسوية الدائمة، لكن مواقفه من قضايا الحل الدائم لم تتغير، ويؤكد هذا ما ذكرته صحيفة "جيروزاليم بوست" من أن نتنياهو قال في لقاءات مغلقة إنه ليست لديه أي نية للمفاوضات مع الفلسطينيين على أساس حدود ما قبل 1967.

تبدو المسألة إذن شديدة الوضوح: إن أساس التحرك الحالي هو أن إسرائيل "تنازلت"، وقبلت وضع كافة قضايا التسوية على جدول أعمال المفاوضات، لكنها ستحتفظ بمواقفها المعروفة، وبالتالي لن يكون هناك جديد جوهرياً في هذه المفاوضات، وهي نجحت في هذه الخطة الجديدة في إقناع المسؤولين المصريين بحسن نواياها، وهو اقتناع لا يشارك فيه طرف عربي واحد وأولهم الفلسطينيون، وعلى هذا الأساس فإن المرء بمقدوره أن يطمئن الأمين العام للجامعة العربية بصدد مسألة الرائحة الكريهة للطعام الذي يجري طهوه الآن، فلا طعام أصلاً ولا روائح من الأساس، وإنما نحن بصدد نموذج المرأة التي كانت توهم أطفالها بأنها تعد لهم طعاماً بحجر في ماء يغلي حتى يناموا بدافع الشفقة عليهم، لكن إسرائيل في حالتنا هذه تنتظر نوم العرب كي تكمل افتراسهم.

أعلى الصفحة
تعليقات القراء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها
أضف تعليقك
الاسم:
 
البريد الإلكتروني:
 
التعليق:
 
 
 
الأكثر تعليقاً   الأكثر قراءة
رمال شارون المتحركة
21/06/2004  
الانتخابات البرلمانية وموقعها من الصراع على هوية العراق ومستقبله
25/02/2010  
قمة سرت: التقدم إلى الخلف
31/03/2010  
مصادر أخري
الثابت والمتغير في العلاقات الروسية-الإسرائيلية(٢/٢)
19/05/2022  
الثابت والمتغير في العلاقات الروسية-الإسرائيلية(٢/١)
12/05/2022  
المزيد
الإتحاد
«عسكرة» التفاعلات الدولية
31/05/2022  
ليبيا: خطوة للأمام أم حلقة مفرغة؟
24/05/2022  
المزيد
الشروق
«أقراص الطعمية» فى علاقات مصر القطرية
25/04/2013  
العلاقات المصرية بحماس
18/04/2013  
المزيد
جميع الحقوق محفوظة © د. أحمد يوسف أحمد