أضف للمفضلة
بحث متقدم 
أسئلة المستقبل العربي
11/08/2008 | أخري | مصادر أخري
روابط ذات صلة
19/05/2022
الثابت والمتغير في العلاقات الروسية-الإسرائيلية(٢/٢)  
12/05/2022
الثابت والمتغير في العلاقات الروسية-الإسرائيلية(٢/١)  
05/05/2022
ملاحظات على الدراما الرمضانية  
14/04/2022
لمن تدق الأجراس في فلسطين؟  
28/03/2022
لعبة الأمم(٢/٢)  
   
يواجه النظام العربي عدداً من القضايا المصيرية التي يمكن أن يتوقف على كيفية حلها مستقبله لعقود قادمة، وإذا اكتفينا ببعض القضايا السياسية الملحة يمكن أن نشير، على سبيل المثال، إلى مستقبل الاحتلال الأمريكي للعراق، ومستقبل التسوية الفلسطينية-الإسرائيلية، وكذلك المفاوضات السورية-الإسرائيلية.
ومن البديهي أن هذه القضايا الثلاثة تتأثر على نحو واضح بمتغيرات خارجية، ليس فقط لأنها تتضمن حالات لتفاعل النظام العربي مع قوى عالمية وإقليمية، ولكن لأنها تبدو أيضاً حساسة بشكل خاص لتغيرات سياسية يمكن أن تحدث داخل الأطراف غير العربية في هذه التفاعلات؛ فالرئيس الأمريكي الحالي ما زال مصراً على أنه يحقق نصراً في العراق، ولذلك فهو متمسك بسياسته الراهنة، التي لا ترى نهاية محددة للوجود العسكري الأمريكي هناك، بل إنه يتطلع إلى توقيع اتفاقية أمنية تقنن هذا الوجود إلى أمد غير منظور، ولأن الموضوع ليس بهذه البساطة؛ فإنه يثير منذ فترة جدلاً سياسياً حاداً في الساحة الأمريكية، وقد بلغ أوجه بالاستقطاب الحالي في معركة الانتخابات الرئاسية بين كلّ من المرشح الديمقراطي باراك أوباما والجمهوري جون ماكين؛ حيث يعد الأول بسحب القوات الأمريكية مع حلول عام2010، فيما لا يرى الثاني ضيراً في البقاء عشرات السنين داخل العراق، ولذلك يعلق بعض العرب آمالاً على فوز أوباما كمدخل لحل معضلة احتلال العراق، أما فوز ماكين فسيمثل ولاية ثالثة باسم مختلف للرئيس الأمريكي الحالي.
تبدو السياسة الأمريكية أيضاً شديدة التأثير في الصراع العربي-الإسرائيلي، وتحديداً في مساره الفلسطيني-الإسرائيلي، ليس فقط بسبب دعمها الشامل وشبه المطلق لإسرائيل، وإنما لأنها طرحت في ظل الإدارة الحالية حل الدولتين، وحاولت في خريف العام الماضي التعجيل بتنفيذه في مؤتمر أنابوليس، وانتهى الأمر إلى إعلان نهاية العام الحالي موعداً للتوصل إلى حل لذلك المسار، وهو توقيت يبدو مفرطاً في سذاجته كونه مبنياً على فهم بالغ التسطيح لصراع إقليمي معقد امتد عقوداً طويلة، ومن ثم فإن تصور حله في شهور يعد استخفافاً بالعقول، ومع ذلك فإن إعلان ذلك التوقيت للتوصل إلى حل، والإصرار عليه يعني أن الإدارة الأمريكية سوف تشغل نفسها للحظة الأخيرة بمحاولة الوصول إلى إنجاز ما على المسار الفلسطيني-الإسرائيلي، وهو ما يتسق مع تقارير تشير إلى أن تلك الإدارة تمارس ضغوطاً على كلٍ من حكومة إسرائيل والسلطة الفلسطينية للتوصل إلى "وثيقة تفاهمات" حول الحل الدائم، وهي ضغوط يمكن أن تتلاشى مع قدوم الرئيس الأمريكي الجديد، الذي لن يكون متحمساً بالضرورة لوضع رؤية بوش موضع التنفيذ، ولن يكون ملزماً بالتأكيد بالإسراع في تحقيق هذه الغاية، ناهيك عن أن يكون مقتنعاً بها أصلاً، وحتى لو وصل أوباما إلى مقعد الرئاسة ومعه وعوده بإعطاء أولوية لحل المسار الفلسطيني-الإسرائيلي، فإنه سوف يبدأ من جديد، ولاسيما أن الخطوط الرئيسية لحل المسائل المعقدة لم ترسم بعد، وهو ما يعني أن العرب سيقفون حائرين بعد تسلم الرئيس الأمريكي القادم سلطاته، في انتظار تبلور شيء يمكن التعويل عليه.
على الصعيد الإقليمي، شهدت المنطقة في الآونة الأخيرة حركة نشطة في اتجاه التوصل إلى تسويات لمسائل شائكة في الصراع العربي-الإسرائيلي، ونقصد بذلك تحديداً الإعلان منذ شهور عن مفاوضات سورية-إسرائيلية غير مباشرة بوساطة تركية، وما بدا من جدية هذه المفاوضات، فقد كان أولمرت حريصاً على تأكيد أن كل من سبقوه في موقعه، بدءاً من إسحاق رابين على الأقل، قد فعلوا ما يفعله وإن لم يوفقوا، أما القيادة السورية فقد كانت واضحة في أنها لا تمانع في التفاوض مع إسرائيل طالما أن ثمة ضمانات أكيدة باسترداد الأراضي السورية بالكامل، بل إنها لا تمانع في إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل بعد ذلك.
وقد دار جدل في هذا السياق حول ما إذا كانت إسرائيل جادة في التوصل إلى اتفاق يعيد الجولان المحتل إلى سورية مقابل ضمانات أمنية وعلاقات طبيعية، أم إنها تسعى فقط  إلى خلخلة الموقف السوري، الذي يقود عربياً جبهة الممانعة في مواجهة إسرائيل والولايات المتحدة، وتفكيك علاقات سورية بحلفائها الأساسيين، وبالذات إيران وحزب الله والفصائل الفلسطينية المتشددة. وبغض النظر عن هذا الجدل فقد أصبح واضحاً أن نجاح المفاوضات الإسرائيلية-السورية يتوقف في أحد عوامله الأساسية على نوايا القيادة الإسرائيلية الحالية.
في هذه الظروف، أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت في نهاية الشهر الماضي أنه لن يدخل المنافسة على زعامة حزب كاديما الحاكم في الانتخابات المقرر إجراؤها في السابع عشر من شهر سبتمبر 2008، ويعني هذا أنه سوف يكون لدينا رئيس جديد للحكومة الإسرائيلية بعد ذلك التاريخ، ونظراً لتعقيدات كثيرة يمكن أن تحيط بعملية تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، بسبب الطابع الائتلافي للحكومات الإسرائيلية عادة، والظرف الزمني الذي ستجري فيه عملية تشكيل هذه الحكومة خاصة، فمن المحتمل أن يخفق الزعيم الجديد لكاديما في تشكيل الحكومة في المدى الزمني المسموح وهو 42 يوماً، الأمر الذي سيعني إجراء انتخابات إسرائيلية جديدة في غضون 90 يوماً قد يكسبها اليمين الإسرائيلي فتعود عقارب الساعة إلى الوراء، إن كانت قد تقدمت أصلاً، وقد يحافظ كاديما على وضعه الحالي فيها، ولكن في ظل خريطة أكثر تعقيداً؛ ستزداد عملية تشكيل الحكومة صعوبة، وتصبح حركتها على المسارين الفلسطيني والسوري أكثر اضطراباً.
يعني ما سبق أنه من منظور العوامل الخارجية فإن القضايا العربية الكبرى سوف تبقى معلقة حتى نهاية العام الحالي وربما بعده، واللافت أن هذا السيناريو السخيف يتكرر مع كل انتخابات رئاسية أمريكية جديدة، ومع كل تغير يحدث في الساحة الإسرائيلية، حيث هناك من يصّر على ربط الإجابات على أسئلة المستقبل العربي بمتغيرات خارجية، وهي آفة في التفكير الاستراتيجي ينبغي التخلص منها، فلن يأتينا شيء من الخارج ما لم نقم بمسؤولياتنا في الداخل؛ فالاهتمام الذي أبدته الإدارة الأمريكية الراهنة بالتسوية الفلسطينية-الإسرائيلية كان بسبب التطورات التي أشارت إلى أن الساحة الفلسطينية تتجه نحو مزيد من الراديكالية في ظل إفلاس نهج التسوية، والجدل السياسي الأمريكي بشأن العراق، سببه تصاعد المقاومة العراقية للاحتلال وإخفاق السياسة الأمريكية في بناء العراق الذي تريد، والمفاوضات الإسرائيلية?السورية إما أن يكون سببها الصمود السياسي لسورية واستعادتها فاعلية دورها العربي، وإما أن يكون السبب هو شبكة التحالفات الإقليمية التي نجحت في نسجها وبصفة خاصة مع إيران.
ولذلك فإن أية تطورات إيجابية بالنسبة للقضايا العربية لن تأتي من الخارج إلا بقدر ما يكون الداخل العربي فاعلاً؛ فلن ينفذ أوباما، حال نجاحه، وعوده بالانسحاب من العراق إذا دخل البيت الأبيض في ظل استقرار بادٍ للأوضاع هناك، ولن يتحرك قيد أنملة إلى الأمام في المسار الفلسطيني-الإسرائيلي، إذا استمر التآكل الداخلي في صفوف المقاومة الفلسطينية، وهو عين ما سيفعله رئيس الوزراء الإسرائيلي القادم بالنسبة لتحركه على هذا المسار. إن أسئلة المستقبل العربي ينبغي أن تتجه إلى الداخل العربي، وليس إلى محيطه الإقليمي وبيئته العالمية، فلن يكون ثمّة تقدم إلى الأمام في حل قضايانا الكبرى إذا ما بقيت أحوالنا على ما هي عليه، حتى وإن انقلب الكون رأساً على عقب. ولن يحدث هذا التقدم إلا انطلاقاً من فعل عربي قوي برؤية استراتيجية واضحة.

أعلى الصفحة
تعليقات القراء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها
أضف تعليقك
الاسم:
 
البريد الإلكتروني:
 
التعليق:
 
 
 
الأكثر تعليقاً   الأكثر قراءة
رمال شارون المتحركة
21/06/2004  
الانتخابات البرلمانية وموقعها من الصراع على هوية العراق ومستقبله
25/02/2010  
قمة سرت: التقدم إلى الخلف
31/03/2010  
مصادر أخري
الثابت والمتغير في العلاقات الروسية-الإسرائيلية(٢/٢)
19/05/2022  
الثابت والمتغير في العلاقات الروسية-الإسرائيلية(٢/١)
12/05/2022  
المزيد
الإتحاد
«عسكرة» التفاعلات الدولية
31/05/2022  
ليبيا: خطوة للأمام أم حلقة مفرغة؟
24/05/2022  
المزيد
الشروق
«أقراص الطعمية» فى علاقات مصر القطرية
25/04/2013  
العلاقات المصرية بحماس
18/04/2013  
المزيد
جميع الحقوق محفوظة © د. أحمد يوسف أحمد