أضف للمفضلة
بحث متقدم 
العرب والمعضلة الإيرانية
03/07/2008 | قضايا عربية | مصادر أخري
روابط ذات صلة
19/05/2022
الثابت والمتغير في العلاقات الروسية-الإسرائيلية(٢/٢)  
12/05/2022
الثابت والمتغير في العلاقات الروسية-الإسرائيلية(٢/١)  
05/05/2022
ملاحظات على الدراما الرمضانية  
14/04/2022
لمن تدق الأجراس في فلسطين؟  
28/03/2022
لعبة الأمم(٢/٢)  
   
إذا صح التحليل القائل بأن كل ما نشهده في الشرق الأوسط من علامات تهدئة في الوقت الراهن يؤشر إلى وجود نية مبيتة من الإدارة الأمريكية وحلفائها للتركيز على مصدر التهديد الإيراني وصولاً إلى توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية؛ فإن هذا يعني أننا قد نكون على موعد قريب مع ضربة عسكرية توجه لإيران، إما باستخدام مباشر للقوة العسكرية الأمريكية، أو عن طريق إسرائيل، أو بتعاون الطرفين معاً.
والواقع أن توجيه ضربة عسكرية لإيران قد شغل كثيراً من المحللين في الآونة الأخيرة، وقد استند القائلون بترجيح احتمالات وقوع هذه الضربة إلى عدد من الحجج، أهمها: أنّ تسامح الولايات المتحدة وإسرائيل مع وجود إيران نووية هو من رابع المستحيلات، وأنه إذا كان هناك من يقول بغياب الرشد تماماً عن قرار ضرب إيران بالنظر إلى تداعياته الكارثية المرجحة فإن للرئيس الأمريكي الحالي سجلاً يعتد به من القرارات غير الرشيدة، وأنه لو استطاع أن يحقق إنجازاً ما بسبب هذه الضربة لكان بمقدوره أن يحيد آثار سلسلة من الأعمال الفاشلة التي نالت من شعبيته بين مواطنيه ومكانته في التاريخ، وأن اللوبي الصهيوني داخل الولايات المتحدة يعمل دون كلل من أجل الدفع في اتجاه قرار أمريكي بضرب إيران؛ لأن إيران "النووية" تربك دون شك الحسابات الاستراتيجية الإسرائيلية، وأخيراً لأن ثمة مؤشرات ظاهرة على اقتراب هذه الضربة بدءاً من التصريحات الدبلوماسية التي لا تستبعد الخيار العسكري في إدارة الأزمة مع إيران، ومروراً بالحشود العسكرية الأمريكية في الخليج، وانتهاءً بمناورات سلاح الجو الإسرائيلي الأخيرة التي أشير إلى أن طائراته كانت تتدرب أثناءها على ضرب منشآت نووية إيرانية.
لا يبدو فريق آخر من المحللين مقتنعاً بترجيح سيناريو الضربة العسكرية للمنشآت النووية الإيرانية، أو على الأقل هو لا يعتبره حتمياً، فالإدارة الأمريكية في موقف استراتيجي غير مواتٍ بسبب أوضاعها الراهنة في العراق وأفغانستان، واحتمالات إخفاق الضربة في تحقيق أهدافها ?ناهيك عن احتمال أن يكون الرد الإيراني موجعاً- تبدو كارثية سواء بالنسبة لهذه الإدارة أو لمرشح الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الوشيكة، وكافة المؤشرات التي يبنى عليها الحكم باقتراب الضربة ليست بالجديدة، وقد سبق غير مرة أن قيل إن الضربة ستقع في خلال أيام أو أسابيع ولم يحدث، وكان آخر هذه التقديرات الخاطئة هو تقرير المخابرات الروسية الذي حدد نهاية شهر مايو/أيار الماضي موعداً لا يمكن للضربة أن تتجاوزه.
والواقع أن كافة التصريحات الأمريكية أو الإسرائيلية المبطنة أو الظاهرة التي تلوح بالضربة وتهدّد بها، وكافة التحركات العسكرية التي يظهر معها وكأن الضربة واقعة لا محالة في القريب العاجل، بما في ذلك المناورات الأخيرة لسلاح الجو الإسرائيلي، يمكن النظر إليها ببساطة متناهية على أنها من قبيل أعمال الردع، أي محاولة إخافة المهدَّد (إيران)، بأنه إن لم يتوقف عن سلوكه الراهن (محاولات بناء قدرة نووية) فسوف يحدث له ما لا تحمد عقباه، وهو أسلوب معروف ومستقر في إدارة الأزمات والصراعات الدولية، وقد استخدمته إسرائيل مؤخراً بفجاجة ظاهرة بمناسبة الحديث عن مناورات سلاحها الجوي للتدريب على توجيه ضربة لمنشآت نووية في أعقاب تصريحات سياسية إسرائيلية نُسبت لدوائر عليا في منظومة صنع القرار الإسرائيلي تتحدث عن البديل العسكري للتعامل مع الأزمة الراهنة، إذ إن عين المراقب لا يمكن أن تخطئ في تقدير أن إسرائيل في هذا الوقت بالذات ليست في الوضع الاستراتيجي الأمثل الذي يمكنها من أن تتصدى لتنفيذ هذه المهمة حتى في إطار الدعم الأمريكي الأكيد لها، ذلك أن افتراض وجود قدرة إيرانية ولو محدودة على الرد ?ناهيك عن إمكانية تحريك الجبهات المحيطة بإسرائيل- يعرض إسرائيل لاحتمالات كارثية بدورها، ويجب ألا ننسى أن الذي يريد أن يضرب  يقدم عادة على تنفيذ ضربته دون تهديد مسبق ضماناً للمفاجأة والفاعلية معاً، وهو ما فعلته إسرائيل بدقة سواء في الضربة التي وجهتها للمفاعل النووي العراقي في1981، أو في الضربة الأخيرة التي قيل إنها استهدفت موقعا سورياً تجري فيه محاولات بناء قدرة نووية سورية بالتعاون مع كوريا الشمالية.
وما دام سيناريو الضربة العسكرية لإيران غير حتمي فإن هذا يفتح الباب بالضرورة لسيناريو "الصفقة"، وهو سيناريو يستبعده بعض المحللين لما يبدو من تناقض ظاهر بين السياستين الإيرانية والأمريكية، وهو تناقض لا يخفي على أية حال الطابع البراجماتي الواضح للسياستين معاً، وإذا كان الأمر محسوماً بالنسبة للأولى (فالطابع البراجماتي يميز السياسة الخارجية الأمريكية بصفة عامة، وآخر تجلياته العلنية الحوار مع إيران حول مستقبل العراق) فإن هناك من يستغرب ذلك بالنسبة للسياسة الإيرانية، وهو استغراب في غير موضعه، فلو لم تكن السياسة الإيرانية كذلك لما سكتت عن احتلال كل من أفغانستان والعراق، ولما تدخلت في اللعبة السياسية العراقية كي يصل إلى الحكم في بغداد من تأمن لهم، ولو كانت السياسة الإيرانية أيديولوجية الطابع لأعلنت "الجهاد المقدس" ضد الوجود الأمريكي في العراق وأفغانستان على الأقل.
وسوف تكون أسس الصفقة، إن تمت، متوافرة؛ فإيران تريد أن تؤمن نفوذها في الخليج عامة والعراق خاصة، وفي مقابل هذا تستطيع أن تقدم ضمانات فعالة للمصالح الأمريكية في هذه المنطقة، وأن تلعب دوراً يعتد به في تهدئة الصراع العربي-الإسرائيلي، والأفكار في هذا الصدد ?أي في شأن الصفقة- كثيرة على أية حال.
يعني هذا أن العرب مواجهون باحتمالات قادمة لتطور الأزمة الإيرانية سوف يكون لها تأثير بالغ على مصالحهم، إن لم يكن على وجودهم المستقل، وأنهم من ثم مطالبون بالتفكير في السياسة الواجب اتباعها للتعامل مع هذا الموقف، وللأسف فإن هناك من يختزل هذه السياسة في الاعتراض على الضربة العسكرية لإيران ومحاولة منعها، وهو موقف سليم دون شك؛ إذ إن الأطراف العربية، وبالذات الخليجية، سوف تكون أول من يتحمل التداعيات السلبية لهذه الضربة ورد الفعل الإيراني لها، لكن هذا الموقف يبقى جزئياً؛ إذ إن العرب سوف يتضررون أيضاً من الصفقة، لأنها ببساطة سوف تُعقد على حسابهم، بمعنى أنها سوف تتضمن توزيعاً للمكاسب على طرفي الأزمة (إيران وخصومها) في غياب طرف عربي فاعل، وقد يكون هذا أسوأ من حيث تداعياته على المدى المتوسط والطويل من سيناريو الضربة العسكرية.
ما العمل إذنْ إذا كان الموقف الاستراتيجي الراهن في المنطقة العربية ينبئ بأن كلا السيناريوهين المحتملين لتطور الأزمة الإيرانية (الضربة والصفقة) لا يحمل خيراً للعرب؟ لا شك في أن نقطة البداية في التحرك العربي يجب أن تتمثل في دخول المباراة، فالطرف العربي لا يشارك حالياً في المباراة، وفي أحسن الأحوال هو يشارك فيها ولكن بدور غير فاعل، وهو أقرب إلى مفهوم اللاعب الاحتياطي، مع أن لديه من القدرات ما يمكنه من أن يكون شريكاً لا مشاهداً، وكل ما ينقصه هو رؤية جسورة تفصله عن السياستين الأمريكية والإيرانية دون أن يعني هذا بالضرورة الصدام معهما، وتنسيقٌ حقيقي بين المواقف العربية، يتضمن عدداً كافياً من القوى العربية الفاعلة إن لم يكن شاملاً، بما يمكنها من أن تكون نداً حقيقياً في المباراة، فتستطيع من ناحية أن تمنع الضربة العسكرية ذات التداعيات الخطيرة على أمن الخليج خاصة والأمن العربي عامة، وتدخل من ناحية أخرى شريكاً فاعلاً في أية ترتيبات لأوضاع المنطقة بما يصون المصالح الخليجية والعربية معاً.

أعلى الصفحة
تعليقات القراء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها
أضف تعليقك
الاسم:
 
البريد الإلكتروني:
 
التعليق:
 
 
 
الأكثر تعليقاً   الأكثر قراءة
رمال شارون المتحركة
21/06/2004  
الانتخابات البرلمانية وموقعها من الصراع على هوية العراق ومستقبله
25/02/2010  
قمة سرت: التقدم إلى الخلف
31/03/2010  
مصادر أخري
الثابت والمتغير في العلاقات الروسية-الإسرائيلية(٢/٢)
19/05/2022  
الثابت والمتغير في العلاقات الروسية-الإسرائيلية(٢/١)
12/05/2022  
المزيد
الإتحاد
«عسكرة» التفاعلات الدولية
31/05/2022  
ليبيا: خطوة للأمام أم حلقة مفرغة؟
24/05/2022  
المزيد
الشروق
«أقراص الطعمية» فى علاقات مصر القطرية
25/04/2013  
العلاقات المصرية بحماس
18/04/2013  
المزيد
جميع الحقوق محفوظة © د. أحمد يوسف أحمد