أضف للمفضلة
بحث متقدم 
معركة الاعتماد المتبادل
25/04/2022 | أخري | الإتحاد
روابط ذات صلة
31/05/2022
«عسكرة» التفاعلات الدولية  
24/05/2022
ليبيا: خطوة للأمام أم حلقة مفرغة؟  
14/05/2022
خليفة.. مسيرة عطاء شامل  
10/05/2022
الطاقة والصراع العالمي في أوكرانيا  
03/05/2022
العقوبات وإدارة الصراع في أوكرانيا  
   

كما أن «الندرة» هي سر وجود علم الاقتصاد، فإن الاعتماد المتبادل interdependence هو سر وجود العلاقات الدولية. فالنظام الدولي يتكون من عدد من الوحدات هي أساساً الدول، ولو افترضنا أن كلاً منها يكفي احتياجاته بنفسه لما كانت هناك حاجة لعلاقات دولية. وتختلف الدول في درجة اعتمادها على شركائها في النظام الدولي، فمنها ما يصل اعتماده إلى درجة تنشئ أنماطاً من التبعية للآخرين، ومنها ما يكون اعتماده في أمور غير جوهرية، فتتوفر لديه مقومات أقوى لاستقلالية قراراته. غير أن القاعدة هي أن أحداً لا يُفْلت من الاعتماد المتبادل، وحتى الدول بالغة التقدم قد يتوقف استمرار ازدهارها على وجود الأسواق لتصدير سلعها وهكذا.

كذلك فإن الاعتماد المتبادل قد يكون تعاونياً، كعلاقات التبادل التجاري، أو صراعياً كبعض التفاعلات الأمنية كما هو الحال في الموقف الحالي بين روسيا وأوكرانيا، إذ اعتبرتْ الأولى أن سلوك الثانية منذ تغير نظام حكمها أصبح يمثل تهديداً للأمن الروسي، ناهيك بالإلحاح الأوكراني على الانضمام لحلف الأطلسي. وقد اهتمت أدبيات العلاقات الدولية بأثر الاعتماد المتبادل على طبيعة هذه العلاقات من منظور سؤال معين، وهو: هل تؤدي علاقات الاعتماد المتبادل، التعاونية في المجال الاقتصادي مثلاً، إلى التأسيس لنماذج تعاونية مماثلة في المجال السياسي؟ وكان الافتراض يميل إلى الإجابة بالإيجاب، ولهذا رأينا في بعض الحالات أن المهتمين بتأسيس علاقات التعاون السياسي داخل مجموعة من الدول مثلاً ينهجون لذلك نهجاً وظيفياً، بمعنى العمل على التكامل في مجالات اقتصادية بعينها تكون أساساً للعلاقات التعاونية، كما حدث في تجربة الاتحاد الأوروبي. كذلك حرصت السياسة الأميركية على تقديم مزايا اقتصادية لمصر مقابل تعزيز تعاونها الاقتصادي مع إسرائيل على أساس أن ذلك سيكون خير ضمان لاستمرار علاقة السلام بينهما.

وقد ذهب البعض إلى أن الإدارة الأميركية الحالية قد استدرجت روسيا لشن الحرب في أوكرانيا، بتشجيع الأخيرة على المغالاة في مطالبها بالانضمام لحلف الأطلسي والتأكيد على أنه لا يمكنه التدخل في أي صدام عسكري روسي أوكراني، أولاً لأن أوكرانيا ليست عضواً فيه، وثانياً لأن التدخل إن وقع سيفضي لحرب عالمية مهلكة. ويُرجع أصحاب وجهة النظر هذه سببَ هذا السلوك الأميركي إلى الخشية من التداعيات التعاونية للاعتماد المتبادل بين روسيا وأوروبا في مجال الطاقة على العلاقات بينهما، بما ينعكس سلباً على العلاقات الأوروبية الأميركية. وهم يرون أن الولايات المتحدة كانت تتابع بقلق بالغ مشروع «نوردستريم2» الذي كان من شأنه زيادةَ اعتماد ألمانيا وأوروبا على الغاز الروسي، على نحو يهدد العلاقات الأميركية الأوروبية، ولذلك حاولت إيقافَه بالضغط على ألمانيا بشتى الطرق، لكنها لم تُفلح فلم يكن أمامها سوى أن تضع الدولَ الأوروبيةَ، بما فيها ألمانيا، في موقف لا يمكنها معه التمسكَ بعلاقاتِها مع روسيا.

وهو الموقف الذي نجمَ عن العملية العسكرية الروسية الحالية، وقد نجحت بعدها في إقناع الدول الأوروبية بالتضامن معها في فرض العقوبات الهائلة التي وقعتها على روسيا. لكن مبدأ «الاعتماد المتبادل» مازال يقاوم، حيث تعتمد أوروبا على واردات الطاقة الروسية بنسبة 45٪‏ وبعض دولها يعتمد عليها بنسبة تصل 90٪‏، لذلك اعترض بعض الدول، وبالذات ألمانيا، على مقترحات حظر هذه الواردات. ورغم وجود مخططات لتقليل الاستهلاك وإيجاد مصادر بديلة وإرجاء الاستغناء عن محطات الطاقة النووية وغير ذلك، فالمؤكد أن هذه المخططات لن تجدي نفعاً في المدى القصير وربما المتوسط. فكيف سيؤثر هذا على السلوك الأوروبي تجاه الصراع الحالي؟ وهل يمكن أن يفضي إلى خروقات في الموقف الأميركي الأوروبي الموحد ضد روسيا؟

أعلى الصفحة
تعليقات القراء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها
أضف تعليقك
الاسم:
 
البريد الإلكتروني:
 
التعليق:
 
 
 
الأكثر تعليقاً   الأكثر قراءة
رمال شارون المتحركة
21/06/2004  
الانتخابات البرلمانية وموقعها من الصراع على هوية العراق ومستقبله
25/02/2010  
قمة سرت: التقدم إلى الخلف
31/03/2010  
مصادر أخري
الثابت والمتغير في العلاقات الروسية-الإسرائيلية(٢/٢)
19/05/2022  
الثابت والمتغير في العلاقات الروسية-الإسرائيلية(٢/١)
12/05/2022  
المزيد
الإتحاد
«عسكرة» التفاعلات الدولية
31/05/2022  
ليبيا: خطوة للأمام أم حلقة مفرغة؟
24/05/2022  
المزيد
الشروق
«أقراص الطعمية» فى علاقات مصر القطرية
25/04/2013  
العلاقات المصرية بحماس
18/04/2013  
المزيد
جميع الحقوق محفوظة © د. أحمد يوسف أحمد